رئيس التحريرأميرة عبدالله

ثقافة المولات

ثقافة المولات

بقلم.. القيادي العمالي صلاح الانصارى
أن الهوية بئر ينبع منها إحساس الفرد وتُصاغ منها سلوكياته. وباختصار دقيق، هويّةُ الفرد هي جذر إرادته.
إن ثقافة التسوّق الحديثة، في مصر ودول اخرى بالعموم، ثقافةٌ مسؤولةٌ عن إعادة إنتاجِ هُويات جديدة للجيل الحديث. تُبنى هذه الهويات وتُصنع داخل المجمّعات التجارية، ومن خلال استهلاك الماركات العالمية.
أصبحت ”المولات“ تلك المباني الضخمة التي تحتلُّ أجزاء ليست بهيّنةٍ في مدننا، مصانعَ للهويّات على اختلاف سِماتها وبصماتها.
ومن هنا لا نستطع أن نُعرّف المول قبل أن نُعرّف ما هو المكان ومالذي يعنيه لنا، وما دوره في حياتنا؟ وهو بحقٍ سؤالٌ كبير، سنجد أنه ذو ارتباطٍ حتمي مع التجربة الإنسانية، أياً كانت هذه التجربة. ومن هنا يفرض المكان علينا أن ننظر للعالم بطريقة محددة، بل ويفرض علينا نوعًا من السلوك داخل حدوده.
أي أن المكان يعكس صورته الخاصة على كل ما نشعر ونفكر به.
فبقدر ما ينتج الإنسان ويصمِّم أمكنة جديدة، تُنتج الأماكن وتشكِّل هويات جديدة.
يخلقنا المكان من خلال تفاعلنا معه وكيفية ارتباطنا به.
ولأن المكان لا يمكن أن يقع خارج التجربة البشرية، وجب القول أن المكان والثقافة شيئان لا ينفصلان.
ومن هنا تكون ”المولات“ أمكنة جديدة تتميز بأنها عالمية. بمعنى أنها تتغلب على الحدود الجغرافية من خلال محو المحددات بين المكان المحلي والمكان العابر – العالمي. بعبارةٍ أخرى، المولات التجارية الضخمة مُنتجٌ ثقافيٌ/مكانيٌّ نشأ في الغرب بفضل الرأسمالية، وعَبَرَ القارات ليُلوّنَ المكان المحليَّ بخصائص ثقافته العابرة للحدود.
ولأن المكان ، برزت ظاهرة جديدة تُسمى “مجتمع المولات”، إذ إن مرتاديه لا يذهبون إليه من أجل اقتناء الأشياء (والذي قد يكون في كثير من الأحيان لعدم استطاعتهم المادية) وإنما من أجل اللقاءات والتعارف والاسترخاء، أي التنقّل بين أروقته. والمدن الحديثة مسؤولة عن إنشاء “ثقافة المولات” والتي بدورها خلقت مجتمعًا جديدًا يتميز بتسكعه في الأماكن، وتنقله في الأروقة بغير هدف، سوى جذب أنظار الآخرين إليهم.

شارك برأيك وأضف تعليق

2024 ©