دوافع المبالغة الأمريكية في تقييم الخطر الصيني
- اخبار , برلمان وسياسة واحزاب
- 09 أغسطس 2019
- d M Y
- 2695 مشاهدة
بقلم تامر ابراهيم… المحلل السياسي والخبير الامني والعسكري.
في ضوء التوتر الذي تشهده العلاقات الأمريكية-الصينية، خاصةً مع تبنّي إدارة الرئيس “دونالد ترامب” نهجًا متشددًا للغاية إزاء التعامل مع الصعود المتنامي لبكين على الساحة الدولية، ومحاولة فرض مزيد من الضغوط عليها، سواء فيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين البلدين أو بالتطور التكنولوجي الصيني؛ فإن هناك العديد من الكتابات الغربية التي بدأت تُنظِّر لتلك العلاقة الصراعية، وذهب بعضها إلى إمكانية إعادة إنتاج حرب باردة جديدة يكون طرفاها هذه المرة: الولايات المتحدة، والصين.
وفي هذا الإطار، تأتي دراسة “هل تخلق الولايات المتحدة حربًا باردة مع الصين؟”، والتي أعدَّها الأكاديمي “جيفري ساكس”، وهو أستاذ اقتصاد بجامعة كولومبيا ومستشار بالأمم المتحدة، والتي نشرت بعدد شتاء ٢٠١٩ من مجلة “Horizons”، التي تفند الصراع الحالي بين واشنطن وبكين، حيث يعتبر الباحث أن الأخيرة ليست بالخطورة التي تحاول إدارة “ترامب” تصويرها للعالم، ويُحذِّر من استمرار نهج الإدارة في التعامل مع الصين، سواء على العلاقات بين البلدين أو على مستقبل العالم أجمع.
من “حليف” إلى “خصم”
تشير الدراسة إلى أنه تاريخيًّا كانت الصين حليفًا للولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد الانتصار الشيوعي بقيادة “ماو تسي تونج” بدأت تتحول إلى خصم للأمريكيين، وهو ما تجلّى بوضوح خلال خمسينيات القرن الماضي في الحرب الكورية، ومن ثَم بات يُنظر إليها كدولة معادية من جانب صانعي السياسة الأمريكية. ومع ذلك فقد كانت واشنطن ترى في التقارب مع بكين ضرورة مرحلية باعتبارها مركز ثقل موازن للاتحاد السوفيتي، وهو ما حدا بالرئيس الأمريكي الأسبق “ريتشارد نيكسون” للقيام بزيارة إليها في عام 1972، وقد هدفت تلك الزيارة التاريخية لتطبيع العلاقات بين البلدين.
وبعد الإصلاحات الاقتصادية الصينية في عام 1978 بقيادة “دنج شياو بينج” الذي تولى قيادة الحزب الشيوعي الصيني وتبنى أفكار اقتصاد السوق حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي، كان يُنظر لبكين من جانب السياسيين ورجال الأعمال وحتى الجمهور الأمريكي باعتبارها شريكًا تجاريًّا جديدًا ومهمًّا.
بيد أن الأمور قد اختلفت في الوقت الحالي بشكل كبير حيث عادت النظرة إلى الصين باعتبارها عدوًّا خطيرًا وفقًا لرؤية صانعي السياسة الأمريكيين، وهو ما يمكن تفسيره بأنه نمط من “جنون العظمة” الأمريكي -وفقًا للدراسة- القائم على خلق الأعداء عبر المبالغة في الحديث عن الأخطار التي قد لا يكون لها وجود بالأساس.
ويضرب الباحث أمثلة على ذلك الخوف الأمريكي غير المُبرَّر الناتج عن جنون العظمة، بالخوف من البلاشفة إبان الحرب العالمية الأولى، والاتهامات ضد الشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك الحرب العالمية على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. ويعتبر أن الحديث الحالي عن الخوف الأمريكي من الصين، والتحريض ضدها، والتهديد بحرب باردة جديدة، ليس إلا حلقة من حلقات صناعة العدو من جانب الساسة الأمريكيين.
أحدث التعليقات