بقلم الكاتب الروائي : عصام متولي
لا أعرف من أين جاءت هذه العبارات والكلمات الهدامة التي من شأنها شق الصف والدعوة إلى كل ما هو سلبي ومنحط، ومحو ما تبقى لدينا من قيم أصيلة سواء اكتسبناها من الدين والعقيدة، أو ما توارثناه كابراً عن كابر من حكمة وقيم وتقاليد حميدة تصون وحدة المجتمع وسلامته.هي عبارات مستحدثة تتنافى مع ما تعلمناه من ديننا الحنيف وعقائدنا، كما أنها ليست حتى من التراث الشعبي، لم نسمع عنها من قبل، ولم يكن لها صدى ولم تلق رواجاً على أرض الواقع إلا في الآونة الأخيرة، بدأ الكثيرون ينفذونها بحذافيرها ويجعلونها –حرفياً- منهج حياة، وفي السطور التالية نعرض بالتفصيل لبعض هذه العبارات وخطورتها على المجتمع:
1_ إن بيت أبوك خرب خُد لك منه قالب… :
وهذه العبارة تدعونا عند تأزم الموقف ألا نشغل خاطرنا بالمساعدة في الإصلاح أو حتى الوقوف موقف المتفرج، ولكن تدعونا لاستغلال الموقف وانتهاز الفرصة وأن نسارع إلى أخذ نصيبنا من الحطام قبل أن يتبخر..!! وقد رأينا امتثالاً حرفياً لهذه العبارة بحذافيرها عندما شاهد الجميع بعض ضعافي النفوس يفتتون حجارة الأهرامات ويبيعونها للسائحين!!
وآخرين استغلوا قيام الثورة وما صاحبها من فوضى وانفلات أمني، وراحوا يعتدون على الممتلكات العامة والخاصة يأخذون منها ما خف وزنه وغلى ثمنه.وديننا الحنيف يحضنا على البناء وعمارة الأرض حتى في أحلك الظروف، وليس هناك أشد من موقف قيام الساعة، فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسـلم ” إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2_اللي يصعب عليك يفقرك:
وهذه عبارة أخرى تدعونا إلى التجرد من الرحمة والشفقة، بزعم أن من يشفق قلبك عليه وتقدم له خدمة سوف يعطلك أو ينقص من مالك أو يستهلك صحتك، فلا تدع أحداً يعطلك، ولا تقدم لأحد خدمة أو مساعدة إلا بمقابل، ولا تدع الرحمة والشفقة تتسلل إلى قلبك فسوف تخسر كثيراً.وفي حياتنا اليومية نرى أيضاً تطبيقاً عملياً لهذه العبارة، بل وبعض الناس تنهي الآخرين عن فعل الخيرات، أو حتى فعل أي شيئ دون مقابل.وديننا الحنيف أيضاً يحضنا على مساعدة إخواننا وإعانتهم في مختلف المواقف فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ” اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله , فإن أصبتَ أهله فهو أهله وإن لم تُصِب أهله فأنت أهله” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3_أنا عبد المأمور :
وهذه عبارة تحمل كل معاني السلبية والخنوع، فيكفي أن يُحمل المرء المسئولية لمن يرأسه ويتنصل هو منها، لدرجة أنه يحط من قدر نفسه ليكون (عبداً مأموراً) خيراً له من أن يتحمل المسئولية ويتخذ موقفاً إيجابياً، فيؤثر السلامة من أي أذى حتى لو ما يؤمر به خطأ أو حراماً.وقد نهى نبينا الكريم عن أن يكون المرء إمعة في قوله صلى الله عليه وسلم ” لا تكونوا إمعة ، تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، و إن ظلموا ظلمنا ، و لكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، و إن أساؤوا فلا تظلموا” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلـم.
4_اربط الحمار مطرح ما يقول صاحبه :
وهذه عبارة أخرى تحمل معاني السلبية وقلة الأمانة، عندما يأتمنك صاحب العمل على ماله أو يكلفك بإنجاز مهمة ما ويوجهك توجيهاً خاطئاً، لا تحاول أن تصحح الخطأ، فقط نفذ توجيهاته الخاطئة فهو من يتحمل تبعات قراراته في النهاية ويتناسى من يتخذ هذه العبارة منهجاً للعمل أن السفينة لو غرقت سوف تغرق بالجميع، ويمكن أن يكون هو أكبر الخاسرين.ونسي أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلـم قال “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلـم.
5- لو نزلت بلد تعبد العجل .. حش وارميله:عبارة تحض على الكفر البواح في مقابل المصلحة الرخيصة، فلا مانع من أن تعبد العجل أو تقدسه طالما أن ذلك سوف يرضي أصحاب العجل.وبنفس المنطق إذا عملت في مكان فيه فساد ورشوة فلابد أن تتكيف مع هذا الوضع وتكون فاسداً مرتشياً.
6- إن قابلك الأعمى خد عشاه منتاش أحن عليه من اللي عماه : وهذه العبارة من أحط ما سمعت، فهي تدعوا إلى السرقة، وليست السرقة فحسب، بل استغلال إعاقة الإنسان وضعف حيلته أو عدم علمه، وسرقته لمجرد أنه أعمى ولن يراك أو لن يستطيع منعك، وهذا هو قمة الانحطاط الغير إنساني.تلك العبارات الميكيافلية المنحطة وغيرها الكثير التي غزت المجتمع وتغلغلت فيه عقول أفراده وأصبحت منهجاً للعيش والعمل والتعامل مع الآخرين، لم يكن لها أن تأخذ طريقها للتطبيق في مجتمعنا لولا ابتعادنا عن ديننا الحنيف ومعتقداتنا الصحيحة وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة والحميدة التي نشأنا وربينا عليها، وكانت هي المرجع والدليل للعمل والمعاملة والعيش المشترك.فهل فقدنا هذه القيم للأبد ؟ أم أننا نستطيع أن نستعيدها مرة أخرى أو على الأقل نحاول؟
أحدث التعليقات