بقلم :القيادي العمالي صلاح الانصارى
يحزنى ما اسمعه من اخبار تتناول انهيار شركة الحديد والصلب بحلوان ؛ لاننى ببساطة عملت بها طيلة اربعين عام ؛ تدرجت فيها حتى وصولى الى مدير عام ؛ تعلمت فيها الصنعة فى احلك الظروف وتعلمت فيها ايضا معنى الوطنية ؛ ففى السبعينات كان يعمل بالشركة 26 الف عامل وحققت الشركة انتاجا يساوى مليون و 200 الف طن وهى اعلى معدلات انتاج تساوى الطاقة التصميمية لانتاج الشركة ؛ بدأت الشركة بتكنولوجيا المانيه من شركة ديماج وهى تكنولوجيا ما قبل الحرب العالمية الثانية وتطورت الشركة فى السبعينات بزيادة عدد الافران العالية الى اربعة افران وشهدت المزيد من التوسعات من الصب المستمر والدرفلة وغيرها بمساعدة روسية وبقروض ميسرة وبفترات سماح طويلة ؛ وساهمت الشركة ببناء مدينتين للعمال – مدينة الصلب القديمة والجديدة – فضلا عن مدينة الخبراء الروس واقامت ناديا للالعاب الرياضية وكان فريق الهوكى من افضل الفرق على مستوى الجمهورية ؛ وكان سبب خسارتها هو الفرق بين السعر الاقتصادى والسعر الاجتماعى ؛ وتجاوزت الخسارة الى المكسب ؛
اما عن البعد الوطنى والمجهود الحربى اثناء حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر 1973 كان مساهمة الشركة فى بناء منصات الصواريخ ودشم الطائرات وملاجىء الجنود وهى مساهمة لاينكرها احد وان لم تفعا غير ذلك فى تاريخها لكفاها؛ وهناك بعد وطنى جدير بالاحترام والتقدير ؛ وهو رفض عمال الشركة لزيارة اسحاق نافون رئيس اسرائيل للشركة فى نوفمبر 1980 ؛ اى ان عمال الحديد والصلب هم اول من رفض التبيع عمليا ؛
اما عن اسباب الخسارة : فتتلخص فى عدم اعادة الهيكلة والاحلال والتجديد والاغراق ؛ فااخر فرن عالى تم اقامته فى عام 1974 وزارة عبد العزيز حجازى اى ان عمر الافران العالية الافتراضى انتهى من حيث زمنه ومن حيث عدد الصبات وبذل مهندسى الحديد والصلب وعماله الجهد الكبير فى العمرات لهذه الافران ؛ حتى وصل الامر الى انه لايجود غير فرن عالى واحد يعمل وبغير طاقته نظرا لعدم توفير فحم الكوك بالقدر اللازم – علما بأن شركة الكوك اقيمت اصلا لخدمة صناعة الحديد والصلب وساهمت شركة الحديد والصلب فى بناء بطاريتين بها ؛ ومن الاسباب الفرعية لوصول الشركة الى ما هى عليه ؛ نظام المعاش المبكر حيث خرج فى هذا المعاش 5000 عامل فضلا عن سوء الادارة وهناك سبب اخر وهو طرد الخبراء الروس قبل حرب اكتوبر بقرار من الرئيس السادات مع الخبراء العسكريين ولا اود الدخول فى تفاصيل اكثر.
ماذا لو انهارت هذه الصناعة؟
اود ان اذكر القارىء ان هذه الشركة هى الوحيدة على صناعة الصهر اى صهر خام الحديد مع فحم الكوك مع الحجر الجيرى ؛ فاذا توقفت توقف منجم الحديد بالوحات البحرية الذى تمتلكه الشركة رغم ان ما به من خامات يكفى سنوات طويلة ؛ ايضا توقف محجر بنى خالد بالمنيا ؛ والاكثر من ذلك توقف العديد من الصناعات المعدنية. حد يقولك ممكن القطاع الخاص يوفر لها ما تحتاجه؛ هذا معناه زيادة التكلفة فضلا انه سوف لايتوفر له المنتجات الوسيطة اى النصف مصنعة مصل البلاطات والمربعات ؛ فضلا عن ان القطاع الخاص يعمل فى المنتجات الخفيفة.
من هنا يستلزم الامر ارادة سياسية تدرس كل الموضوع كاملا واثاره .
أحدث التعليقات