بقلم القيادي العمالي صلاح الانصاري
قامت قوات الدفاع الإسرائيلية بغارة جوية قصفت فيه مصنع أبو زعبل التي كانت تملكه الشركة الأهلية للصناعات المعدنية، وكان به 1300 عامل، فقتل منهم 70 وأصيب 69، ودمر المصنع.قصف مصنع أبو زعبل جاء بعد عملية منطقة الشلوفة، التي أسرت إسرائيليين، وقتلت وأصابت 20 من قلب حصون إسرائيل في سيناء.
رد الطائرات الإسرائيلية القاذفة بغارات على مصنع أبى زعبل ردا على عملية منطقة الشلوفة في 12 فبراير من عام 1970م.
مصنع أبو زعبل تملكه الشركة الأهلية للصناعات المعدنية.
كان المصنع يعمل بطاقة 1300 عامل.
الغارات أسفرت عن استشهاد 70 عاملًا وإصابة 69 آخرين، واحتراق المصنع بالكامل.
كانت مذبحة أبو زعبل تحولا نوعيا في مسار حرب الاستنزاف حيث كانت إسرائيل بدأت سياسة الغارات على أهداف مدنية في عمق مصر بهدف شن الحرب النفسية وضرب الروح المعنوية للشعب المصرى وإرهابه.
مصنع أبو زعبل تكلف حينها حوالي ٥ مليون جنيه دفعها الشعب المصري، وكانت أجور العاملين في السنة حوالي مليون جنيه يرعون أو يعولون ٢٠٠٠ أسرة عاملة.
يتصل العمل في المصنع ثلاث ورديات تستغرق كل الـ ٢٤ ساعة في اليوم.
وكان المصنع ينتج نحو ٧٥ ألف طن من حديد التسليح الذي يستخدم في البناء.
- الحكـــــــــــاية أيــــه ؟
كما هو متبع فى الأيام العادية لعمال الشركة الأهلية للصناعات المعدنية بأبو زعبل , خرج مئات العمال متجهين الى المصنع صباح يوم الخميس 12 فبراير 1970 . القاطنين منهم بقرية أبو زعبل سيرا على الأقدام فى جماعات صغيرة أو فرادى , أو راكبى دراجات . وساكنى القاهرة وضواحيها بأتوبيسات نقل العاملين الخاصة بالمصنع أو بالقطار . يستبشرون خيرا بيومهم الذى سيصرفون فيه سلفة عيد الأضحى المبارك .
وصل الكثير الى المصنع وبدأوا فى مزاولة نشاطهم اليومى . وعلى غير العادة فقد تأخر وصول القطار الذى يقل الباقين دقائق قليلة , أثارت تساؤلات زملائهم بالمصنع عن سبب عدم وصولهم ورغبة فى الأطمئنان عليهم .
ولكن .. هذة الدقائق القليلة هى التى أنقذت حياة عمال المصنع راكبى هذا القطار .
ففى الساعة الثامنة والربع من صباح يوم الخميس 12 فبراير 1970 وسط ضجيج دوران المكن وتصاعد الدخان وأستمرار الأنتاج فى شكله الطبيعى , فجأة تغير كل شىء , وأنقلب الحال رأسا على عقب ..
فقد دوت أصوات أنفجارات هائلة صمت الأذان صاحبها هواء جاذب دافع ودخان كثيف , وأمتلاء الجو بالأتربة السوداء وبأعمدة اللهب الخانقة , سرعان ما وضع كل ذلك حدا لهذا اليوم السعيد .
وأفاق العمال من هول الصدمة ليجدوا أنفسهم وسط الدماء الغزيرة وبين جثث وأشلاء زملائهم فى العمل , وأصوات الجرحى وأنين المصابين يتردد صداها فى كل مكان . وتسألوا ماذا حدث ؟
لقد قذفت طائرات الفانتوم الأمريكية مصنعهم المدنى بالصواريخ وقنابل النابلم الحارقة فهدمت محطة المحولات الكهربائية وورشة الصيانة .. ملاحظ محطة المحولات الذى أستشهد محترقا من تأثير النابلم قال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة : أوعوا تتهاونوا مع الصهيونية والأستعمار , لازم تصمدوا وحاننتصر بأذن الله , ربوا فى قلوب ولادى الحقد والكراهية على أمريكا .
لقد تناثرت وتفتت قوالب الحديد المعدة للدرفلة من قوة الانفجار وأصبحت تنتقل وتصيب- مثل الشظايا – كل من تصتدم به ولا يتسع المجال لذكر الكثير من المشاعر وردود الأفعال التى واكبت الحدث .
أن البطولات التى حدثت لا يمكن حصرها , فما كاد سكان قرية أبو زعبل والقرى والمصانع المجاورة من رجال ونساء وشيوخ وأطفال يشعرون بدوى الانفجار , حتى تركوا أعمالهم وأسرعوا الى المصنع للمشاركة فى عملية الانقاذ وللأطمئنان على ذويهم .
أسفرت هذه الهجمة الجبانة عن مقتل حوالى سبعين عاملا ووقف الرأى العام العالمى والعربى مستنكرا ومدينا لهذا الاعتداء الوحشى .
أرسل أحد عمال مصنع أبو زعبل خطابا الى الرئيس الأمريكى نكسون جاء فيه :
خطاب مفتوح
من عامل بمصنع ابى زعبل الى فخامة الرئيس نكسون
نموت بالنابالم ولا نركع لغير الله ياسيدى الرئيس .
لقد كانت هديتك الينا نحن عمال المصنع المدنى فى أبى زعبل طيبة جدا ونحن نشكرك عليها لأن العمال المدنيين كان لهم شرف التضحية بالدم والروح كجنود القوات المسلحة.
هديتك المرسلة جوا , على جناح الفانتوم من الصواريخ السامة , وقنابل النابلم وصلت الينا كاملة بكل المعانى البربرية التى كانت مكسبكم الوحيد من علم الصعود الى القمر .
أعذرنى يا فخامة الرئيس اذ قلت لكم أن الحرية عندكم تمثال .
فمرحبا بكم بهداياكم الطيبة , التى تزرعون بها الحقد والكراهية فى قلب مئة مليون عربى . أتيح لهم جميعا أن يعلموا أن طائرات الفانتوم الأمريكية يقودها طيارون أمريكيون يحاربون تحت علم صهيون , ويضربون العمال وهم يصنعون الصلب من أجل البناء لا من أجل الحرب والدمار .
أسمح لى سيدى الرئيس أن أوجه اليكم هذا الخطاب مع أسفى الشديد لسقوط الشرف الأمريكى ضحية لأطماع الصهيونية العالمية .
وقد سألت نفسى أمس سؤالا يافخامة الرئيس : لماذا تحارب أمريكا العرب ؟ … أن العرب يكدحون فى حقول البترول العربية التى تتحول الى ثروات أمريكية يعيش بها المجتمع الأمريكى فى رفاهية .. فهل يكون جزائهم منكم القتل بالنابلم ؟ ..
أننى عامل بسيط لا أفهم كثيرا فى السياسة يا فخامة الرئيس .. ولكنى أكتب اليك هذا الخطاب بدماء شهداء أخوتى فى أبى زعبل .. مصنع للبناء هدمتموه .. مصنع للسلام حاربتموه . مصنع للحياة أمطرتم عليه الموت .. لماذا كل هذا يا فخامة الرئيس ؟
نموت من النابالم ولا نركع لغير الله
ياسيدى الرئيس
منقول من صورة طبق الأصل للخطاب من الكتيب الذى اصدرته النقابة العامة للصناعات الهندسية “بعنوان امريكا قتلت عمالنا”
ولم يكد يمضى 55 يوما على قتل العمال فى أبو زعبل حتى عاودوا الكرة , فشنوا هجوما وحشيا – بنفس الأسلحة الأمريكية -ظهر يوم الأربعاء 8 ابريل 1970 على الأطفال الأبرياء بمدرسة بحر البقر الأبتدائية بمحافظة الشرقية , نتج عنه تدمير المدرسة وقتل أكثر من 45 طفلا وأصابة العشرات , تتراوح أعمارهم بين السادسة والثانية عشر عاما . وهذه قصة أخرى .
لكن الدرس لم ينتهى , فقد أستقبل نكسون استقبالا رسميا قال عنه نجم :
شرفت يانكسون بابا يابتاع الوتر جيت .. عملولك قيمة وسيما سلاطين الفول والزيت .
أحدث التعليقات